Nostalgic Story Teller has moved from blogger to wordpress!

You should be automatically redirected in 3 seconds. If not, visit
http://hilalchouman.wordpress.com
and update your bookmarks.

Nostalgic Story Teller 2

Selected texts from the old "nostalgic story teller" blog

Saturday, October 18, 2008

آرتيزانا

صاحب السحنة السمراء يخرج سريعاً من بيته متجهاً إلى عمله. ينسى إطفاء التلفاز. جيفارا البديري تتلو رسالة الصباح. يصعد الباص. ينظر إليه السائق نظرةً غريبة ثم يتأمل بطاقته لدقيقة قبل أن يسمح له بالصعود. ما هَمّ. البارحة، وجدوا قنبلة تحت أحد مقاعد محطة الباصات وسحنته باتت دليل شبهة.

صاحب السحنة السمراء يشعر بكآبة مزمنة، ينتظر نهار عمله أن ينتهي كي يعود إلى بيته سالماً. يمر في أحد الشوارع فيتذكر "مار الياس" وذلك المحل "الآرتيزانا" الذي كان يقف أمام واجهته ويقول:
"من هنا سأشتري لها أول هدية معلنة بعد طوفان الهدايا المجهولة التي وصلت عتبة بيتها. بس لو تقبل."

هي لم تقبل ومحل "الآرتيزانا" لم يغلق أبوابه كما في نهاية فيلم رومانسي رتيب. ازدانت واجهته ببضائع جديدة واحتلّت عشبة الماريجوانا تطريزات معظم الحقائب المعروضة.

ما هذه الرائحة؟ تبدو كرائحة "الآرتيزانا" التي صمدت تحت حصار لم ينته. أين هي الآن ،يسأل. يهرع لكتابة رسالة الكترونية لصديقتها. تقول له أنها ما زالت هناك مع صاحبها القذر. يعاملها باستخفاف كما دائماً وهي ما زالت تحبه في علاقة أشبه ما يكون بالآرتيزانا الرتيبة.

يمسح وجهه براحتي كفيه وينظر إلى ما ظهر من انعكاس وجهه على شاشة الكمبيوتر السوداء. لـَمْ ينتبه لسحنته قبل ذلك. كان يعيش بين آخرين يشبهونه. هنا بدا نافراً،غريباً. هنا بات وحيداً.

يمر بساحة فيتذكر وسط بيروت. هنا مسرح وتلك سينما. ينتبه أن المسرح والسينما لم يكونا يوماً جزءاً من هوية وسط بيروت الجديدة. لا مسرح ولا سينما هناك. فقط شظايا تظاهرات ثقافية من حينٍ لآخر في خطوةٍ أشبه برشوى من البنائين لمرتادي الساحة. السياحة الجديدة تعني جنس وأكل. الجديد ليس بثقافة خشبية. براغماتيةٌ هذه السياحة لدرجة مستفزة. تغيـِّر لونها الثقافي بتغير الأحداث.

يكمل طريقه ويمر قرب صالون تجميل. يدخل . يحتاج لإعادة تأهيل تخفي شبهة سحنته السمراء.

ينظر إلى المرآة بعد محاولة إعادة التأهيل. لا يعرف نفسه. ينقد العامل مبلغاً ويخرج. يجتاز الشارع إلى محطة الباص. يفاجأ بسمرٍ آخرين فعلوا مثله وأعادوا تأهيل انفسهم. ينظر إلى أحدهم ويتذكر أنه رأى هذا المظهر قبل دقائق خمس في مرآة ما.

يصل الباص. يصعد الباص. يعيد السائق التفرس في ملامحه. يدخل ويجلس قرب النافذة.
لـِمَ قالت لا؟ يعيد نبش أوراق زمن مر. يعيد إيهام نفسه أن الفرصة ما زالت سانحة.

يتوقف الباص وتصعد عجوز تأبى أن تتكلم إلا بصوت مرتفع.
لـِمَ جنّ عند معرفته بقصفٍ طال محيط بيتها الجديد؟ لـِمَ ما زال يفكر فيها أساساً؟ ما هذا الهراء الفكري الذي يلفّه هذه الأيام؟

يتوقف الباص ويصعد مراهق يعلن مثليةً صريحةً تؤكدها ملابسه وحركاته.
لـِمَ يفتقد الصراحة مع أسراره الدفينة. لـِمَ يصر على عدم إشراكها مع أحد؟ أَلـِيَحتفظ بأملٍ هو أبعد ما يكون عن المنال؟

يتوقف الباص ويصعد طفل وامرأة. الطفل يبتسم بسبب وبلا أي سبب في وجهه.
لـِمَ ينظر إليه الطفل ويبتسم. من أين يأتي بتلك الإبتسامة؟

ما همّ. عليه ان يعالج تداعيات اكتئابٍ بدأ. العلاج كما تربى عليه يتمثل بتأجيل الموضوع كما دائماً وفي حالات متطرفة يبدو اللجوء إلى البتر الاحمال الأنجع. لِيـَكن صريحاً مع ذاته: لـِمَ يجلد نفسه إذا كانت الخاتمة المفترضة تقول أنه سيعود إلى هناك ويحظى بـ "عذراء" انتقتها له أمه؟

يصل بيته. ينظر إلى المرآة. يدخل الحمام ويزيل مظهره الجديد كـَمـَنْ ينتقم من لحظة ضعف. يستلقي على سريره وحيداً كما دائماً .

في التلفاز، جيفارا البديري كما تركها عند خروجه: تقف ببذتها العسكرية وتعلن بصوتها المخنوق آخر الأخبار من أرض الحلم.
جميلةٌ هي جيفارا البديري وغريبٌ هو صوتها. تماماً كغرابة اسم جيفارا لامرأة.

1 comments:

Layal K said...

tabban...since when hayda el new theme?!
I like :D
Mabrouk, and nice selections..more please..